حقائق وغرائب عن قوم لوط لم تسمع عنها من قبل
لم تخف الأديان ذكر أسلافنا، وما حل بالعاصين منهم من سخط الخالق وعذابه؛ نقرؤها غالبا ونتفكر، ما الهدف من سرد تلك القضايا؟ هل من الممكن أن نعود إلى أفعال تلك الأقوام الغابرة أو إذا ما صح القول هل عدنا فعلا؟
قصتنا اليوم قصة شخص وقومه احتمل الكثير من الجدل والأخبار المضللة حول شخصيته وصفته، أم قومه؛ فعذابهم بات عذابا يذكره العالم أجمع؛ لكونه من أشد العذابات التي نزلت على قوم أتوا بفاحشة لم تأت أي من الأمم الغابرة مثلها قط.
النبي لوط عليه السلام وقومه
نبي الله نوح عليه السلام هو من الأنبياء الذين ورد ذكرهم وذكر قومهم في القرآن الكريم في 14 سورة من سور القرآن، ولكن قبل أن أبدأ بسرد هذه القصة، دعوني أصدقائي أعرفكم على هذا النبي ونسبه، كما ورد في مختلف المصادر؛ هو لوط بن هاران بن تارح بن ناحور بن ساروخ بن راغب بن فالغ بن عابر بن شاعر بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويعتقد أنه عاش 175 سنة، ولوط شخصية مبجلة في الديانات الثلاث: الاسلامية والمسيحية واليهودية، إلا أنه في الديانتين: اليهودية والمسيحية؛ ليس بنبي، إنما هو رجل صالح بار، أما في الاسلام فهو النبي المنذر لم يرسل إلى قوم محددين.
خرج الوطن من أرض بابل مع نبي الله إبراهيم عليه السلام؛ متجهين إلى الشام؛ هربا من مضايقة الكفار للنبي إبراهيم، النبي إبراهيم كان عم النبي لوط، وكان الآخر مؤمنا برسالة عمه، بل وشديد الإيمان، وكان نبي الله إبراهيم عليه السلام متعلقا به كثيرا.
استقر النبي لوط في سدوم بالقرب من عاموراء على شاطئ البحر الميت؛ فيما يعرف اليوم بالأردن، لنتابع.
كان أهل سدوم بخلاء، يستثقلون الضيف، ويحاولون التخلص منه، كما أنهم كانوا أهل لهوٍ وعصيان وأذية لكل عابر سبيل في مدينتهم؛ حيث كان يقطعون عليه الطريق، ويسلبونه المال، طلب لوط عليه السلام من قومه أن يهجروا ما كان يأتونه من عصيان وأذية، وأنذرهم بعاقبة ما يفعلونه، ولكنهم بالطبع لم يستمعوا إليه، بل -واسمعوا هذا جيدا- هؤلاء القوم أتوا بفاحشة لم يأت أحد مثلها، فكانوا يأتون الرجال شهوة دون النساء؛ ليكونوا أول من أتوا بالسادومية أو المثلية الجنسية.
نهى لوط قومه كثيرا، إلا أنهم لم يرتدعوا، بل وصل بهم الأمر إلى المطالبة برحيل لوط وأهله عن المدينة، فلم يك من لوط إلا أن شكى أمره لربه، لتبدأ رحلة عذاب قوم لوط.
أرسل الله ملكين إلى لوط
مستعدون!!! أرسل الله ملكين بصورة شابين شديدي الوسامة إلى لوط، دون معرفته بأنهم ملائكة، ولكن هل تعلمون أصدقائي أين كان هذان الملكان قبل أن يأتيا إلى لوط، لقد زار هذان الملكان الخليل إبراهيم وبشاراه ببشرتين؛ وهما: إنه سيرزق بغلام من زوجته سارة اسمه إسحاق ومن ورائه يعقوب، وكليهما أنبياء، فماذا أخبراه أيضا، أخبراه بمهمتهما الموكلة إليهما من الله تعالى؛ لمعاقبة قوم سدوم؛ فخشي النبي إبراهيم على لوط من العذاب، وأخبر الملكين أن لوط عليه السلام وأهله في تلك المدينة، فطمأناه وأخبراه بأنه ما أعلم بمن فيها.
انطلق الملكان من عند الخليل إبراهيم؛ قاصدين سدوم، فلما وصل توجها إلى لوط، وهو غير عالم بمهيتهما، أو بسبب مجيئهما، كان لوط في أرضه يسقى زرعها؛ فطلبا منه أن يضيفهما عنده؛ فاستحى لوط ألا يجيبهما إلى طلبهما، فهو كان معروفا بالكرم والجود واستقبال الضيوف.
انطلق لوط مع ضيوفه إلى بيته، وكان خلال الطريق يلمح لهما أفعال القوم وسوء تصرفاتهم؛ علهم يغيرون رأيهم، وينطلقون إلى مدينة أخرى، ولكن لم يكن هذا -بالطبع- من قبيل البخل أو عدم استقبال الضيف، بل كان خوفا من لوط عليهم أن يصبحا فريسة لأهل سدوم وأفعالهم الشنيعة، إلا أن الملكين كانا على علم بفظائع تلك المدينة فأصروا علي المبيت عند لوط. انتظر لوط عليه السلام الليل؛ حتى يسدل ستاره، لينطلق بهم إلى منزله دون أن يراهم القوم، حتى وصل إلى داره.
في داره أخبر لوط أهله بأمر الضيوف، وطلب من امرأته بالأخص كتمان أمرهم؛ لأنها كانت من أهل تلك المدينة، ولكن تلك المرأة كانت على دين قومها، وكانت دائمة الأذي للوط، فأخبرها لوط بمسامحته لها على كل أفعالها شريطة أن تحفظ سر الشابين.
ادعت المرأة أمام لوط بكتمانها السر، ولكن ماذا فعلت من ورائه؟؟؟ -اسمعوا- كان بين المرأة وبين قومها علامة تدلهم على قدوم ضيوف إلى لوط؛ فكانت تدخن فوق السطح نهارا وليلا، تشعل النيران بمجرد أن دخل الشابان إلى المنزل، هرعت المرأة إلى السطح فأوقدت نيرانا؛ لتعلم قومها بالضيوف، رأى القوم النار؛ فتوجهوا إلى منزل لوط يطلبون ضيوفه، ويهددون لوطا باستقباله الضيوف، حاول لوط عليه السلام أن يدفعهم عنه، ويحول بينهم وبين ضيوفه، بل إنه عرض بناته عليهم؛ شريطة أن يبتعدوا عنهم؛ إلا أن القوم أجابوه برفضهم لبناته، فهم يريدون الشابين، لما لم يستطع لوط اثناءهم عن فعلتهم توجه إلى ربه يشكوه ضعف حاله وظلم قومه وعصيانهم، فأتى الرد الإلهي سريعا على لسان ضيوفه؛ أخبراها الملكان بحقيقتهما، وبالمهمة التي ينوون تنفيذها، وهنا بدأ العذاب.
عذاب الله لقوم لوط
بدأت أولى نذر العذاب بإصابة القوم بالعمى؛ فأخذوا يتحسسون طريقهم بالحيطان، وهم يتوعدون لوطا بالعقاب يوم غد؛ أما لوط فطلبت منه الملائكة مغادرة سدوم هو وأهله في الليل، فانطلق لوط وابنتيه خارجين من المدينة إلى حيث أمره الله تعالى، وهي مدينة تدعي صوعر، أما امرأته فلم تخرج معه وبقيت مع قومها، وبينما كان لوط ومن معه في طريقهم سمعوا صيحة مهولة تعلن نزول العذاب بأهل سدوم ومحيطها يقال أنها كانت سبع مدن يقطنها ما يقارب الأربعة آلاف وقيل 400 ألف شخص، فبدأت الحجارة تتساقط عليهم، وهذه حجارة أسماها الله تعالى في كتابه "حجارة من سجيل"، فكان من يصاب بها يقتل مباشرة، وأولهم كانت امرأة لوط، ولكن هل تظنون أن العذاب انتهى هنا.
أمر الله تعالى جبرائيل فاقتلع تلك البلاد من جذورها بطرف جناحه، ورفعها إلى السماء ثم قلبها بمن فيها، فأصبح عاليها سافلها؛ فخسفت المدن بأهلها وجعل الله مكان هذه المدن بحرا أو بحرا منتنا، لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأراضي.
أما المدينة الوحيدة التي نجت، فكانت مدينة صوعر التي لجأ إليها لوط عليه السلام؛ فظل يدعو إلى عبادة الله، ويتعبد له حتى وافاه الأجل.
في الكتب المقدسة؛ في المسيحية واليهودية نجد نفس القصة مع خسف الأرض، ولكن مع تغيير بسيط في بعضها، وهو أن القوم أبيدوا بالنار والكبريت، ماذا عن المدن المخسوفة هل هناك أي أثر لها.
حقائق وبقايا أثرية
في الخامس عشر من أكتوبر من العام 2015 وبعد عشر سنوات من البحث والتنقيب عثر علماء آثار أمريكيين على بقايا بلدة ترجع للعصر البرونزي شرق نهر الأردن، وبالتحديد في منطقه تل الحمام، ويعود تاريخها إلى ما بين عامي 1540 و3500 قبل الميلا،د وقد أكد العلماء أنها لمدينتي سدوم وعمورة، حيث قال المشرف على عمليات التنقيب (ستيفن كولينز) أن تلك الآثار تتطابق مع القرية، أو القرى المذكورة في القرآن الكريم وفي الكتاب المقدس أو ما يعرف بكتاب العهد القديم من حيث الموقع والجدران السميكة والأسوار العالية، إلا أنه أكد عدم وجود آثار لرماد أو حرائق أو كبريت، بل اكتفى بقول شيء واحد وهو أن كل مظاهر الحياه توقفت فجأة في المدينة من دون سابق إنذار.
هذه قصة نبي الله لوط عليه السلام وقومه كما ذكرت في القرآن الكريم وفي الديانات الأخرى، ورغم كل الشائعات التي تنشر عن النبي لوط والتزوير بحقه وفي قضيته؛ إلا أنها قد تكون محاولات فاشلة لغض البصر عن عظيم تلك الفاحشة، ولكن ماذا عن العذاب المهيب؟!! أليست رسالة تحذيرية من الله؛ لكي لا يعيد التاريخ نفسه أو بالأحرى؛ ألا نرى اليوم والتاريخ فعلا بدأ يعيد نفسه أفلا يتفكر أولو الألباب.
تعليقات: (0) (يمكنك التعليق برابط صورة او فيديو) إضافة تعليق